الجمعة، 27 نوفمبر 2020

 

هل انتهت صلاحية معلوماتك؟


كي لا تذهب بافكارك بعيدا، استمع الى هذه القصة التي جائت من ريف المغرب العربي و قد روى لي احداثها احد المقيمين الفضلاء، ابطال الرواية طالبان على وشك التخرج من كلية الارصاد الجوية وهم ابناء عمومة، وقد اتفق الاثنان على قضاء العطلة الاسبوعية عند خالتهما في الريف بحثاً عن الهدوء والسكينة وتفريغاً   لضغوط الامتحانات النهائية. الخالة وهي من الطراز الاول لم ترى العاصمة قط ولا تتخيل يوما ما انها ستغادر الريف الذي يعني لها كل شيء ،و لماذا؟ انها "كما تعتقد " تمتلك كل شيئ وقد سبقت معظم الدول العربية في تحقيق الامن الغذائي ،على الاقل، إضافة الى تحقيق التكامل الاقتصادي مع أهل قريتها أصحاب القلوب البيضاء، وما عدا ذلك فقد وكلت أمره الى الله، هكذا يرتفع مؤشر الايمان والتوكل على الله عز وجل كلما خلا الانسان بنفسه ،ولو لساعة، وأبتعد عن صخب الحياة وروتينها البغيض. المهم في الامر ان الخالة فرحت فرحا شديدا بالضيوف الاعزاء وبالطبع أعدت لهم ما تشتهي الانفس وتلذ الاعين فهي كما قلنا حققت الامن الغذائي من حيث تربية الماشية والطيور وزراعة الحبوب. وفي اليوم التالي وبينما كان ابطال القصة يتنزهان بين الحقول ويستمتعان بدفئ الشمس ورائحة الارض، صاحت بهم الخالة هلموا الى الداخل بسرعة فقد تسقط الامطار في اي لحظة، نظر الشابان (خبراء الارصاد) الى السماء ولم يرى احداً منهما اي دليل على هطول الامطاروعلى العكس من ذلك فقد كانت السماء صافيةً جداً. ونظراً لألحاح الخالة عليهما دخلا المنزل، وبعد برهة بدأت أولى حبات المطر بالسقوط ثم توالت الامطار تهطل بغزارة والشابان ينظران الى بعضها تارة والى خالتهما تارة اخرى وقد بدت عليهما الدهشة و أرتسمت على وجوههما علامات الاستفهام، فقالت لهما الخالة وهي تمسح بيدها على ظهر "حارس الحلال المدلل"،اعزكم الله، اذا رأيتموه يقضي حاجته في تلك البقعة من الحقل فإنها علامة على قرب هطول الامطار. لقد صعق الشابان من ذلك الموقف وباتا ليلتهما ينتظران الفجر، وفي الصباح قال احدهما للاخر بغباء وفضول "اين قضى "حارس الحلال" حاجته؟" فرد عليه الآخر ببرود اليائس "على شهادتك العلمية ياصديقي".

الثلاثاء، 17 نوفمبر 2020

 

                                    تصريح العتيبة... عزف على وتر مقطوع

تاريخ المقال: 7 اغسطس 2017         

في السابع والعشرين من شهر يوليو الماضي، وعشية اجتماع المنامة التشاوري لدول الحصار، صرح سفير دولة الإمارات في واشنطن بأن الدول الأربع تريد رؤية حكومات علمانية في الشرق الأوسط والسفير العتيبة رجل دبلوماسي يعي مايقول ويعرف تمامًا الأعراف الدبلوماسية، لذا فعندما يتحدث نيابةً عن دول الحصار فهو يعني ذلك، خصوصًا أننا لم نسمع أي إعتراض من تلك الدول على هذه التصريحات، لذا نحن أمام مشهد من التناقضات يدعونا لفهم وإستيعاب الرسائل الجلية والخفية لذلك التصريح وتحليلها وإستنباط ما وراءها من أهداف.

أولا: يجب أن نفرق بين أنظمة الحكم في دول الخليج والتي تبدو متشابهه من حيث أنها وراثية إلا أن هناك إختلافات جوهرية في ظروف نشأتها، فليست جميعها ترجع في الأصل إلى "ولاية المتغلب" كما يسميها البعض، فهناك أمثلة في الأنظمة الخليجية تجسد الإجماع والتوافق الشعبي على شخصية ذات نفوذ أنطلق منها نظامًا أصبح وراثيًا فيما بعد بتوافق شعبي أيضًا وذلك لأسباب عدة من أهمها نزاهة الحاكم وعدله وحسن تدبيره لشؤون الحكم، كل ذلك أنعكس على مستوى الإحترام والود المتبادل بين الشعب والقيادة ورفع سقف مصداقية النظام، إضافة لوجود آليات رسمية وغير رسمية تجسد صورة من صور المشاركة الشعبية في القرارات المصيرية، ويتطلع الشعب لتطوير تلك القنوات لتصبح مشاركة رسمية بالمعنى المتعارف عليه، ويعبر بعض المواطنين علنًا عن ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي دونما خوف من الإعتقال أو الملاحقة القانونية.

ثانيٍا: العلمانية تعني تغييب الدين تمامٍا وعدم إعتباره في الحياة عدا ممارسات وطقوس شخصية، أي بمعنى آخر إلحاد الدولة وعدم الإعتراف بالأديان في أي ممارسة من ممارسات الدولة، وليس كما يشاع من أن العلمانية هي فصل الدين عن الدولة ليتوهم البعض بأنها مجرد عدم تسييس الدين فقط. وبما أن بعض أنظمة دول الحصار التي يدعي العتيبة أنها تريد رؤية حكومات علمانية في الشرق الأوسط، تستمد شرعيتها من تبنيها لنظام الدولة الدينية التي ترعى مصالح المسلمين لذا فإن مجرد التفكير في التحول للعلمانية يفقدها تلك الشرعية ويدخلها في إتون فوضى على كل الجبهات لا يمكن لأحد التنبؤ بأبعادها، كما أن أنظمة الحكم في الخليج قبلية وراثية لذلك لايمكن أن تسعى دولة من الدول الخليجية طواعيةً إلى العلمانية بمضمونها وآلياتها الغربية، وهذا لا يعني عدم تجاوبها شكليًا مع الضغوطات الخارجية والداخلية ومن ثم إرجاع الوضع إلى ما كان عليه بعد زوال تلك الضغوطات.

ثالثًا: كيف يتسنى لأنظمة دول الحصار بما فيهم النظام المصري التحول إلى العلمانية بمفهومها الغربي وهي تخرق أبسط المباديء الديموقراطية؟، فتلك الدول تفرض وصايتها على شعوبها وتمنعها أدنى الحقوق البشرية، تمنعها الأحساس والتعاطف وتسيس المشاعر في عصر التواصل الأجتماعي بين شعوب الأرض جميعًا. هي أيضًا تحاول فرض وصايتها على الدول الصغيرة في المنطقة وشراء مواقف الدول الضعيفة الأخرى كل ذلك أمام مرأى ومسمع الدول العظمى المنافقة التي تدعي أنها ترعى حقوق الحيوان ثم تغض الطرف عن ممارسات دول الحصار الغير إنسانية مقابل صفقات السلاح وأكياس الدولارات. إن من أبسط مبادئ العلمانية إطلاق الحريات ومنها حرية التعبير فضلًا عن التعددية الحزبية وباقي المنظومة العلمانية، لذا فإنه من السذاجة أن يفهم من تصرح العتيبة رغبة دول الحصار للتحول للعلمانية.

لذا لم يبقى من تفسيرات منطقية ممكن أن نقرأها في تصريح العتيبة سوى الآتي:

أولًا: أن دول الحصار تريد أن ترى دولًا علمانية من غير دول الخليج أي المقصود دول الربيع العربي وذلك لقطع الطريق على أي حزب إسلامي للوصول إلى السلطة، لذلك تجدها تدعم الثورات المضادة التي يتصدرها العلمانيون في كل دول الربيع العربي، أمثال السيسي وخليفة حفتر وعلي صالح وغيرهم المهم أن لا يصل رئيس يمثل الشعب أو محسوب على حزب يرفع شعار الإسلام أو يتخذ من الدين منهجًا لحكم الدولة حتى لو جاء به الشعب بكل أطيافه فإنه يعتبر مصدر خطر على أنظمة دول الحصار.

ويمكننا القول بأن دول الحصار تعمل على منهجية مزدوجة فهي من جهة قاومت ولاتزال تقاوم المطالب والتحركات الشعبية السلمية لتغيير الأوضاع القائمة في المنطقة العربية، تلك المطالب التي كان سقفها الإصلاح ومحاربة الفساد ورفع الظلم قبل أن يتحول بسبب تلك المقاومة المدفوعة الأجر إلى مطالب بإسقاط النظام. ومن جهة أخرى تعمل على ضمان علمنة الدول التي خرجت عن السيطرة، بمعنى الضغط بشتى الوسائل لتحويل دول الربيع العربي إلى دول علمانية تدور في فلك دول الحصار.

ثانيًا: كان مقصودًا أن تفهم تصريحات العتيبة في واشنطن على أن دول الخليج تعمل على التحول العلماني والهدف الأول من ذلك هو محاولة دول الحصار لكسب تأييد غربي لمواقفها في الأزمة الخليجية، أما الهدف الثاني فهو إرسال رسالة مفادها أن دول الحصار تدور في الفلك "الترامبي" ومنفتحة أكثر من ذي قبل وجاهزة لشرق أوسط جديد بشرط ضمان إستمرارية أنظمتها التي بدت مهددة وجوديًا من الداخل والخارج بسبب تقديراتها الخاطئة وتحركاتها الغير موفقة وذلك لا يخفى على من يرى مشهدها السياسي والإقتصادي والإجتماعي بعين فاحصة.

ثالثًا: تصريح السفير العتيبة من العاصمة الأمريكية لم يكن عشوائيًا بل كان محاولة منه لقلب الطاولة وكسب مواقف سياسية عن طريق المتاجرة بأهم قضايا الأمة لمصالح ضيقة وأهداف قصيرة المدى. إن الدول العلمانية التي يدعي العتيبة أن دول الحصار تريد أن تراها في المنطقة ستكون بلا شك كياناتٍ عميلةٍ ممسوخة تستغلها دول الحصار لتمرير إطروحات الشرق الأوسط الجديد.

وأخيرًا نتسائل، هل تسعى دول الحصار عبر تصريح العتيبة للحصول على تأييد غربي لحملتها المسعورة ضد قطر؟ الجواب نعم، فإذا ما أستدعينا إلى المشهد إتهام أبوظبي لقناة الجزيرة بمعادات السامية، يتضح لنا أن المراد من تصريح العتيبة عن رغبة دول الحصار برؤية دول علمانية في المنطقة، هو أن يوهم الأوساط السياسية في واشنطن أن تلك الدول تنوي القيام بإصلاحات سياسية جذرية تمهد لقبول التطبيع مع إسرائيل وأن قطر حجر عثرة في طريقها وذلك بإحتضانها لقناة الجزيرة تلك القوة الناعمة التي لا تفتأ عن رصد تحركاتهم المشبوهة وسبر أغوارها وكشفها للجمهور بكل مهنية.

 

إبراهيم بن هاشم السادة

السبت، 14 نوفمبر 2020

 

هل تقفز المها على تحديات الواقع الجيوسياسي؟

 

منذ أن بدأت الأزمة الخليجية وتجلي موقف دول الحصار تنامى لدي إحساس بقسوة الجغرافيا وذلك أن قطر تشكل إمتدادًا طبيعيًا لشبه جزيرة العرب، ذلك الإمتداد لا يقتصر على الأرض بل يشمل جميع نواحي الحياة الاجتماعية والإقتصادية وحتى الدينية، هذا ولم يخطر ببال أحدٍ أن يُقطع ذلك الشريان الرئيسي بحصارٍ لا شك أنه مربك لعجلة التنمية ومؤثر على الاقتصاد فضلا عن حالة الإحتقان الشعبي وآثاره النفسية التي خلفها ذلك الإجراء غير المسؤول دون أي إعتبار للعهود والمواثيق الملزمة للدول الأعضاء في منظومة مجلس التعاون الخليجي، ودون أي إحترام للآليات المتبعة لفض النزاعات في تلك المنظمة.

لم تكن الجغرافيا وحدها قاسية بل كان للتاريخ موقفًا لا يقل وطأةً أيضًا وذلك عندما يجتزأ منه بمعزل عن سياقات الأحداث وظروفها ما يبرر سياساتٍ وإجراءاتٍ تعسفيةٍ، لقد دأبت دول الحصار منذ بدء الأزمة وبطريقة مبرمجة مسبقًا توظيف الخلافات والمواقف السابقة بإنتقائيةٍ مقيتةٍ تؤدي لتشويه المشهد وشيطنة الخصوم سعيًا منها لشحن الرأي العام الداخلي والخارجي ليس ضد حكومة قطر فحسب بل تعدى ذلك إلى تعكير صفو لحمة القبائل والأسر الخليجية التي وجدت نفسها مستقطبةً سياسيًا في دولٍ لا تعطي أصلًا أي فسحةٍ من حرية التعبير للمواطنين الذين تسعى جاهدةً لتوظيفهم لخدمة أجندتها السياسية وتفرض العقوبات ضد من يصمت فضلًا عن من يتخذ موقفًا مخالفًا لتلك الأجندات.

لقد كنت أتأمل المشهد الخليجي بكل أبعاده وأستعرض خارطة الخليج العربي مدققًا في حدود قطر التي تحيط بها مياه الخليج عدا الشريط الحدودي المغلق مع جارتها الكبرى، أقيس المسافات بينها وبين اليابسة على الطرف الآخر من الخليج وأتفحص الجزر التابعة لها وكأنني أبحث عن شيءٍ ما، وأتساءل ...

كيف يمكن مواجهة تحديات الواقع الجيوسياسي؟

هل بالإمكان إحتواء تلك التحديات ضمن مشروعٍ نهضويٍ حضاري؟

هل لدينا القدرة للقيام بقفزة عظيمة تضع أقدامنا على ضفاف الدول المتقدمة؟

كانت تلك أهم التساؤلات التي خطرت لي وأنا أمعن النظر في جغرافية قطر وحدودها على خلفية الأزمة التي إفتعلتها دول الحصار، قد نتفق أو نختلف على شمولية تلك الأسئلة ولكن الإجابة عليها قد تكون مفتاحًا لمستقبل أفضل.

 

 

تحديات فاقت الواقع الجيوسياسي

لنرجع بالذاكرة إلى ماقبل خمسين عامًا تقريبًا حيث البدايات لإحدى دول مايسمى بالنمور الآسيوية والتي إستقلت عن الإستعمار البريطاني في العام 1965 أي قبل ستِ سنوات فقط من إستقلال دولة قطر، إنها دولة سنغافورة التي يطلق عليها البعض "معجزة آسيا الاقتصادية"، لقد بدأت سنغافورة من نقطة الصفر تقريبًا لتصبح خلال أربعين عامًا من أقوى إقتصاديات العالم ويرتفع دخل الفرد السنوي فيها من ما يقارب 240 دولار سنويًا إلى ثالث أعلى دخل في العالم بعد قطر ولوكسمبرج ليصل إلى ما يقارب 80 الف دولار سنويًا وذلك حسب أحدث التقارير التي صدرت في العام الجاري.

كانت بداية سنغافورة مليئة بالتحديات التي كان أقلها أهمية هو التحدي الجيوسياسي، ففضلا عن مساحتها الصغيرة والتي لا تتجاوز 700كم مربع، وإنعدام الموارد الطبيعية من نفط وغاز ومعادن، وشحٍ في المياه الصالحة للشرب، ونسبة بطالة تجاوزت الـ 14%، وشعب ذو أعراق وثقافات وديانات متعددة، فضلًا عن كل ذلك فقد عصفت بها الخلافات السياسية والإقتصادية التي حدت من التعامل مع الدول المحيطة بها وخصوصًا ماليزيا.

لقد سعى رئيس الوزراء السنغافوري آن ذاك السيد "لي كوان" لتحفيز الاقتصاد عن طريق طلب المساعدة الدولية إلا أن سعيه باء بالفشل ولم تمتد له يد العون، لقد ترك المجتمع الدولي سنغافورة لتواجه مصيرها بمفردها عندها أدرك السيد "كوان" أن التغيير لن يأتي من الخارج وأن عليه العودة إلى الداخل والإعتماد على النفس.

لقد أعتقد السيد "كوان" أن الإتجاه للتصنيع قد يكون هو الحل للعديد من التحديات، فشرع في تنفيذ برنامج إقتصادي شامل يعتمد على التصنيع كثيف العمالة بحيث يحل مشكلة البطالة إلا أنه واجه صعوبات مرتبطة بقلة الخبرة الصناعية لدى الشعب السنغافوري حيث أن معظم السكان كانوا يعملون في مجال التجارة والخدمات، علاوة على ذلك عدم وجود سوق محلي يستوعب المنتج الصناعي في ظل وجود عقبات أمام التبادل التجاري مع الجيران بسبب توتر العلاقة.

قفزة النمور الآسيوية

في ظل تلك الظروف الصعبة بدأ التفكير في القفز على التحديات والتواصل مع العالم المتقدم لإجتذاب الشركات المتعددة الجنسيات للتصنيع في سنغافورة، فبدأت الحكومة السنغافورية بإنشاء "مجلس التنمية الاقتصادية" ليتولى المهمة، ولكن كان على الحكومة أيضًا خلق مناخ آمن ومنظم وخالي من الفساد بالإضافة إلى قيامها ببعض الإصلاحات الاقتصادية المتعلقة بالضرائب، بمعنى آخر العمل على تذليل العوائق التي قد تؤثر على جذب الإستثمارات الأجنبية، وبسبب مستوى النزاهة والشفافية التي تحلت بها حكومة السيد "لي كوان" والصرامة التي واجهت بها الفاسدين كسبت الحكومة ثقة الشعب السنغافوري فكان له دور فعال أيضًا في مساندة الحكومة في توجهاتها.

وعلى النقيض من دول الجوار التي كانت تعمها الفوضى والغموض ويعصف بها الفساد، كانت سنغافورة تنعم بالاستقرار وتسجل تقدمًا حثيثًا في مستويات النزاهة والشفافية ، وأصبحت مكانًا مثاليًا للتصنيع والإستثمار والتصدير إلى الخارج بعد أن إستغلت موقعها الجغرافي حيث تعد مدخلًا "لمضيق ملقا" الذي تمر من خلاله ما يقارب 40% من التجارة البحرية العالمية فأنشأت مينائها الذي أصبح فيما بعد من أهم موانيء جنوب شرق آسيا.

وبعد مضي سبع سنوات فقط من إستقلال سنغافورة أي بحلول العام 1972م كان ربع المصانع في سنغافورة إما مملوكة بالكامل لمشتثمرين أجانب، غالبًا أمريكيين أو يابانيين، أو مشتركة مع مواطنين، ونظرً للنمو المتسارع للناتج المحلي وتعافي الاقتصاد السنغافوري بدأ التركيز والإهتمام بتنمية الموارد البشرية حيث طلبت الحكومة من الشركات الأجنبية تدريب العمال السنغافوريين وإكسابهم المهارات في العديد من المجالات الصناعية والتكنولوجية، والجدير بالذكر أنه بحلول العام 1970 أصبحت المنسوجات والإلكترونيات من الصادرات الأساسية، وفي العام 1990 أصبحت سنغافورة ثالث أكبر مركز لتكرير النفط في العالم ومنتجًا رئيسيًا للبتروكيماويات إضافةً إلى ذلك بدأ تصنيع الشرائح الإلكترونية الدقيقة وأبحاث التكنولوجيا الحيوية والأدوية وهندسة الطيران، وما أن حل العام 2001 حتى أصبحت الشركات الأجنبية تمثل 75% من الإنتاج الصناعي و85% من الصادرات الصناعية.

مقارنة

لو نظرنا بعين المقارنة بين قطر وسنغافورة على خلفية بعض الإحصاءات والمؤشرات الصادرة عن وكالة الإستخبارات الأمريكية كما هو في الجدول المرفق لوجدنا تطابق في مجمل عناصر تلك المؤشرات خصوصًا مايتعلق بالتعليم والإقتصاد، في حين تتفوق قطر بمواردها الطبيعية من نفط وغاز، ومعدل دخل فرد يفوق بـأكثر من 40%، ومؤشر الدين العام الذي يعادل ثلث الدين العام لسنغافورة، ومعدل نمو يفوق بـ 25%، ونسبة بطالة لا تذكر إذا ما تجاهلنا البطالة المقنعة، وبمساحة جغرافية تعادل أكثر من 16 ضعف مساحة سنغافورة، وكثافة سكانية ضئيلة جدًا بالمقارنة.

وفي المقابل نجد أن الميزان لصالح سنغافورة عندما نتحدث عن مؤشر التنمية البشرية، ومؤشر الشفافية الدولية، ومؤشر الضرائب، ونسبة التضخم، وتنوع مصادر الدخل، والتصنيع والبحث التكنولوجي والطبي، وحرية الصحافة.

 

قطر

سنغافورة

المساحة

11586

697

تعداد السكان

2.5 مليون

6 مليون

الدين العام (من الناتج المحلي)

30%

99%

مؤشر التنمية البشرية

0.85 (عالميًا 33)

0.91 (عالميًا 10)

التعليم (يقرأ ويكتب)

98%

97%

الإنفاق على التعليم

2.45%

2.94%

البطالة

0.1%

2.2%

التضخم

1.61%

0.04%

معدل النمو

3.98%

2.92%

الضرائب

40.2%

15.9%

حرية الصحافة

36%

53%

 












ولكن هل لدينا مشروع؟

لاشك أن الظروف الراهنة في منطقة الخليج المتمثلة في أزمة حصار قطر وما كشفته من نقاط ضعف وقوة وضبابية في بعض الأحيان خلقت وعيًا ملموسًا لدى المجتمع القطري بالعديد من قضاياه مما جعله مهيأً أكثر من ذي قبل للتفاعل الإيجابي مع الإطروحات الفكرية التي تعنى بحاضره ومستقبله، كما أن هناك شعورًا عامًا بالوحدة والإنتماء بدأ يتنامى عند الغالبية العظمى من المجتمع ينبغي توظيفه في المشاريع الوطنية النهضوية.

وبالنظر إلى الأداء الحكومي المتميز على الصعيد الداخلي والخارجي والذي وضع قطر في مكانة مرموقة على خارطة العالم في العديد من المجالات، إضافة لما شهدناه من إدارة مؤسسية حصيفة في التعامل مع معطيات أزمة الحصار الراهنة خصوصًا على الصعيدين السياسي والإقتصادي، إلا أننا لازلنا في حاجة لمشروع نهضوي شامل يضعنا في مصاف الدول المتقدمة، مشروعًا تتضائل أمامه التحديات الجيوسياسية التي قد تشكل تهديدًا محتملًا لمستقبلنا، يأخذ بعين الإعتبار تجارب الماضي ومعطيات الحاضر وتحديات المستقبل ويهدف في المقام الأول إلى تعزيز القيم الإنسانية وتصحيح بعض مكونات ثقافة المجتمع ضمن منظور شامل تكون أهم أولوياته تهيأة أفراد المجتمع ليكونوا أكثر تأثيرًا وتفاعلًا مع قضاياه وتحدياته.

 

                                                                     إبراهيم هاشم السادة

الأربعاء، 11 نوفمبر 2020

 

التطبيع والمشهد الأخير

كان قوم سيدنا نوح يعبدون الأصنام ويمجدون أهل السلطة والمال، فدعاهم نبيهم إلى عبادة الله وحده والإستغفار لذنوبهم، وأخبرهم بأن الله سيمدهم بالمال والولد، لكنهم لم ينصاعوا للدعوة، واستمروا في غيهم وتهكمهم على سيدنا نوح والصالحين الضعفاء الذين اتبعوه، كما جاء على لسانهم " وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ"، وقد أمهلهم الله قرابة الألف سنة، ونبيه يدعوهم ويصبر على أذاهم، ولكنهم أعلنوا تحديهم لله ورسوله وقالوا: "يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ"، عندها دخلوا في مرحلةٍ جديدةٍ إنتهت بهلاكهم، حيث أمر الله سيدنا نوح ببناء السفينة، وكانوا كلما مروا به وهو يصنعها استهزأوا به، وقالوا له على سبيل التهكم كعادة المستهزئين بالأنبياء في كل عصر، يا نوح صرت نجارًا بعد أن كنت نبيا.

وعندما حانت ساعة الصفر، أمر الله نبيه ومن معه أن يركبوا في الفلك، وبدأت أحداث المشهد الأخير الرهيبة، السفينة تتلاقفها أمواجٌ كالجبال لكن أهل الإيمان واثقون بالنجاة ومتوكلون على الله، في هذه اللحظات الحرجة لمح سيدنا نوح إبنه فأخذته عاطفة الأبوة فناداه ليركب في سفينة النجاة، لكنه أبى معتقدًا أن الجبل سيعصمه من أمر الله فكان من المغرقين.

يقال أن المستقبل هو الماضي عائدًا من طرقٍ أخرى، وأن الأحداث التي مرت على الأمم السابقة من الممكن أن تتكرر إذا توافرت شروطها، ونحن كمسلمين نؤمن بذلك لأنها سنة الله في خلقه، يقول الحق جلّ وعلا "سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا"، عندما نقرأ آيات ربنا، ونتفكر في سِيَّرِ الأمم التي انحرفت عن طريق الحق، وننظر إلى واقع أمتنا، وما آلت إليه، نقول اللهم سلم سلم.

وها نحن نعيش مشهدًا قريبًا لتلك القصة، أبطال مشهدنا من أبناء جلدتنا وهم من إفرازات "سايكس بيكو"، يدّعون خدمتهم للإسلام ولقضايا المسلمين، لكنهم في حقيقتهم يقدمون المال والسلطة على كل شيء، ويخدمون مشروع الصهاينة، فمنهم من يخدمه على علم، وقد وضع حوله سياجًا من أهل الإفك والباطل والتطبيل، دعاة ومثقفين وإعلاميين وصحفيين ومرتزقة، وأغدق عليهم من أموال شعبه المنهوبة ليقلبوا الحقائق ويزوروا الواقع ويشتتوا الناس ويلبسون عليهم دينهم كما كان يفعل سحرة فرعون، ومنهم من يخدم الصهاينة على جهل، كل أولائك من الذين في قلوبهم مرض، الظَّلَمَة الذين يخافون أن تدور عليهم الدوائر فتحاسبهم الشعوب على تفريطهم وفسادهم وعمالتهم، وقد ذكرهم الله في كتابه حيث قال عز من قائل "فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ"، وكلمة يسارعون تعني يبادرون، وهانحن نشهد تهافت دول تدعي الإسلام على إقامة علاقات طبيعية مع كيان مغتصب معتدي، ولو أن مسلمًا إعتدى على كافر لما جاز لنا موالاته ونصرته، بل تأبى المروءة ذلك، فكيف لهؤلاء أن يفرضوا على شعوبهم قبول هذه المعاهدات الآثمة مع أعداء الله، والتنازل عن معتقداتهم ومشاعرهم تجاه إخوانهم المسلمين في فلسطين، وكيف للشعوب المؤمنة أن يفرض عليها أن ترى بين ظهرانيها جرذان الصهاينة يتقلبون في المنتجعات والأسواق.

أقول لمن إنطلت عليهم مقولة أن إقامة علاقات طبيعية مع الصهاينة في صالح الفلسطينيين، إستمع إلى قول الحق سبحانه: "لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ"، جاء في التفسير أن المحادة هي المحاربة والمعاداة، أوليس الصهاينة من الذين يحادون الله ورسوله؟ أفي ذلك شك أو شبهة؟، هذا صريح القرآن ينهى عن هذا التودد الممجوج، الذي يمارسه دعاة خدعة السلام من مسؤولين ومطبلين، ونراه في وسائل الإعلام، إن في ذلك تحدٍ واضحٍ لله، أما من يُحرف الكلِمَ عن مواضعه من تجار الدين، الذين يدعون أن محمدًا صلى الله عليه وسلم صالح اليهود، فنقول لهم إن ما يجري على الساحة السياسية اليوم لايمت لصلح نبينا الكريم مع يهود المدينة بصلة، إنهم يعيدون للذاكرة ذلك الحوار الذي جرى بين نوحٍ وابنه في المشهد الأخير قبل الغرق، وهاهم يعتقدون أن بلجوئهم إلى الصهاينة، إنما يأوون إلى جبل يعصمهم من ثورة شعوبهم المقهورة، والشعوب الأخرى التي طالها فساد أياديهم الآثمة، إن التحدي لله ورسوله مدعاةٌ لأن يعجل الله العقوبة في الدنيا، فلا تغرنكم كثرة أهل الضلال وعلو أصواتهم على المنابر وفي وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي، ولا تغرنكم أموالهم ولا أولادهم ولا من يقف خلفهم، من لم يؤمن حق الإيمان ويقيم الوزن بالقسط ويوالي المؤمنين لن تعصمه معاهداته مع الصهاينة من أمر الله.

 

هذه بضاعتنا

هذه بضاعتنا

التقيت ذات يوم بأحد الأصدقاء، وكان متعدد المواهب، حيث كان إمامًا وخطيباً ومدرباً في التنمية البشرية إضافةً إلى عمله الرسمي، و الشخص متعدد المواهب " هو في الواقع شخص يحاول البحث عن نفسه"، على حد تعبير الناقد والمؤلف الإيرلندي الأصل "جورج برنارد شو"، سألت الرجل عما إذا تطرق أحد علمائنا أو دعاتنا إلى العادات السبع للناس الأكثر فعالية لـ “ستيفن كوفي”، فقال: نعم، وما لبث أن أخرج لي من سيارته شريط "كاسيت" وقد كُتب عليه "العادات السبع في القرآن الكريم ــ لأحد الدعاة المشهورين"، ثم سألني: "لماذا نحن دائما مقلدين ولسنا مبادرين؟"، قلت: ماذا تعني؟، قال: "أعني لماذا تقودنا ردة الفعل بدلا من أن نصنع الحدث؟"، ... أين الشيخ هذا من تلك العلوم قبل أن يتحدث بها "ستيفن كوفي"؟، انتهى كلامه....

قد يبدو ذلك تساؤلًا مشروعًا، فلا شك أن الغرب والشرق قد سبقونا في علوم الإدارة وفنونها وأننا بوصفنا مسلمين قد قصرنا في هذا الجانب، ولكنني في المقابل أعتقد بأن حضارتنا الإسلامية لم تكن لتصل إلى ما وصلت إليه دون تلك المفاهيم والعلوم. إن علوم الإدارة مثلها مثل باقي العلوم قد تطورت عبر الزمن بسبب الخبرة المتراكمة والتجربة والبحث العلمي فأصبحنا نستورد تلك العلوم التي كنا نصدرها في الماضي وأهملنا تطويرها في الحاضر، عدا أن تكون مواعظ تفتقر إلى منهجٍ عمليٍ يجسدها على أرضِ الواقع، فكانت النتيجة أننا كلما سمعنا عن شيء جديد من هذه العلوم هرعنا كردة فعلٍ نبحث في إرثنا المنسي عن شواهد تثبت أن لنا يد السبق فيه، ولا ضير في ذلك، إلا أننا بهذا الفعل نقيم الحجة على أنفسنا وكأننا نقول للعالم، الذي يشهد تخلفنا عن الركب، بأننا نمتلك إرثاً لا نستحقه.

أوليس حريٌ بنا عندما نسمع قول الرسول الكريم في الحديث الذي رواه مسلم "بادروا بالأعمال الصالحة"، أن يتبادر إلى ذهن كل واحد منا أن العمل الصالح هو كل عمل يُصْلِحْ لنا دنيانا وآخرتنا، وكلمة "بادروا" هنا واضحة المعنى شاملة الدلالة، لذلك فهي في انتظار أن يترجمها الطبيب والمهندس والمدير والموظف والطيار...إلخ، كلٌ فيما يخصه إلى منهجٍ قابلٍ للتطبيق، لا أن يقف الجميع منتظرًا من علماء الشريعةِ والدعاةِ أن يبينوا له كيف يدير عمله، فخطب العلماء تحدد المفاهيم العامة ومقاصد الشريعة، هم ليسوا خبراء في كل شيء حتى يترجموا ذلك إلى علم إدارة وعلم فلك وعلم هندسة..إلخ.

لذا نحن بحاجةٍ إلى اهتمام جميع العلماء، وليس علماء الشريعةِ فقط، بما جاء به الحبيب المصطفى الذي قال عنه رب العزة والجلال " لا ينطق عن الهوى". كما يحدوني الأمل بأن تُنْشأ مراكز متخصصة في علوم السنة النبوية وأن لا تكون على الطراز التقليدي، الذي تغلب على برامجه نزعة ردود الأفعال تجاه ما يطرح من الطرف الآخر، بل تكون على أسسٍ حديثة تجمع بين علماء الشريعة بمختلف تخصصاتهم ومشاربهم، و علماء المجالات العلمية الأخرى  كالفيزياء والفلك والطب والهندسة، ولنكن مبادرين بالأطروحات والنظريات والاكتشافات حتى لو جانبنا الصواب في بعضها، فهذه طبيعة الأشياء، ولكن غير الطبيعي أن يكون لدينا هذا الإرث العظيم العريق من المؤلفات والرسائل ونكون في آخر الركب، في حين أننا نؤمن كل الإيمان بقوله تعالى: "ما فرّطنا في الكتاب من شيء".

 

عاصمة النور بلا نور

 

عاصمة النور بلا نور

 

يحكى أن أحد الملاحدة الفرنسيين زار عالمًا مسلمًا يعيش في باريس، وكان هدفه من الزيارة إثارة الشبهات حول كتاب الله عز وجل وإحراجه في مجلسه، فلما أخذ مكانه وانتهت طقوس الضيافة، وبعد أن امتلأ المجلس بالضيوف، أنتهز الملحد الفرصة وسأل قائلًا: ألستم تَدَّعُونَ أن كتابكم لم يترك شيئًا إلا وذكره؟ قال العالم نعم وتلا عليه الآية: "مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ"، قال الملحد حسنًا، أليست باريس من أشهر عواصم الدنيا؟ قال العالم نعم هي كذلك، فقال الملحد: وأين ذكرت في كتابكم المقدس؟، فضج المجلس بأصوات الحضور مستنكرين جُرئته على كتاب الله، فرفع الشيخ يده أن إهدؤا، ثم نادى صبيًا في المجلس، وكان من أحفاده، فلما دنى منه قال يابني أين ذكرت باريس من ما تعلم في كتاب الله، فقال الصبي قال تعالى في سورة الأعراف الآية 145: " سأُريكم دار الفاسقين ".

 

لسنا في سياق النقاش حول سبب نزول الآية، لكنّ مغزى الحكاية هو أننا كمسلمين عرب نمتلك من الحجّة والبلاغة وسرعة البديهة ما لا يملكه غيرنا من الأمم، وباستطاعتنا الرد على كل شبهة أو تطاول على مقدساتنا، لكن ذلك لن يثني هؤلاء القوم عن الإستمرار في الإساة لمقدساتنا تحت شعار حرية التعبير مع أنهم لا يتجرأون على باقي الأديان بنفس الطريقة.

 

وعندما زار الرئيس الفرنسي مكان الحادث الذي أقدم فيه الطالب الشيشاني على قتل معلمه، بعد أن عرض الأخير الرسومات المسيئة للنبي، صرح ماكرون بأن الأمة الفرنسية تقف مع حرية التعبير ضد ما عبر عنه "بالظلامية" ويقصد بهذا التعبير كل من يعترض على الإساءة لرسول الإسلام، بمعنى أن المسلمون جميعًا ظلاميون لأنهم يرفضون ذلك، وهذا فيه تحدٍ وإستفزاز للمسلمين، فماهو موقف أمة المليار ونصف مسلم؟، طرح هذا السؤال على مجموعة من الشباب المسلمين، فكانت الردود متباينة، فقال أحدهم: " إن رسولنا الكريم لم يأمر أمته أن ترد على الإساءة بكل هذا العنف، بل إن هذا الفعل يسيئ لسمعة الإسلام".

 

و قال آخر " قد يفقد المرء عقله اذا شتم أبيه أو طعن في شرف أمه فتكون ردة فعله عنيفة وغير متوقعة، فكيف اذا تعرض الى نبينا الكريم؟ لماذا لايعتبر الشاتم متهورا ومجازفًا، نحن نستكر القتل الذي حدث، لكننا في المقابل لايمكن أن نقيسه بمقاييس العقل لأن المعتدي سلب عقل الفاعل بفعله، وعليه تحمل العواقب، نحن نحترم كل الأديان وعليهم أن يحترموا ديننا"، وقال ثالث: " أعتقد بأن هؤلاء القوم لا يفقهون إلا لغة المال، وعلينا أن نقاطع بضائعهم، ونستبدلها ببضائع تركية ندعم بها حليفنا المسلم الذي تكالبت عليه أوروبا"

 

من الطبيعي في أي مجتمع أن تكون الآراء متباينة تجاه نفس القضية، لكن على الغرب إن أراد تغليب صوت العقل لا العنف، أن يكون عاقلًا في طرحه أيضًا، هذه الحوادث المؤسفة، يتحمل وزرها دعاة حرية التعبير "العنصرية"، وعلى فرنسا أن تعيد حساباتها لتوقف قطار العنف، كمسلمين لسنا ضد "حرية التعبير"، بل إن نبينا الكريم لم يكمم الأفواه كما تفعل بعض الحكومات المحسوبة على الإسلام، وقد نهانا ديننا أن نعتدي على مقدسات الآخرين تقديرًا لمشاعرهم.

 

                                                        الكاتب إبراهيم السادة

  هل انتهت صلاحية معلوماتك؟ كي لا تذهب بافكارك بعيدا، استمع الى هذه القصة التي جائت من ريف المغرب العربي و قد روى لي احداثها احد المقيمي...